توفيق اجانا
يعتبر سوق الهديم التاريخي الواقع في مدينة مكناس المغرب ، قبلة للتجار منذ القدم حيث عرف تأسيسه بعد معركة ماء لحلو سنة 1938 ،و كان يمَثّل القوة الاقتصادية للمدينة مثله مثل ” 1السوق الأسبوعي العتيق لمدينة مكناس الذي يقع بالجهة الشمالية الغربية عند الساحة الداخلية لباب البرادعيين خلال العصر المرابطي وما بعده.”
سوق الهديم هو المكان الجامع للتبادل التجاري بين السكان المحليين والتجار القادمين من مختلف المناطق المجاورة للمدينة، أي إنه المزود الأساس للأهالي وللساكنة، وله مكانة مميزة في التراث المغربي يقع بجوار ساحة الهديم الشهيرة والتاريخية.
عرف بدوره إصلاحات بين الفينة والأخرى، وغالبًا ما تكون جزئية وغير كافية دون أن يستقر أمره على هندسة واضحة، في تعبير كاشف عن إهدار المال العام ، وغياب تام لرؤية جامعة للفضاء، ولوعي كلي بالسوق وتاريخه ومتطلباته وآفاق الفعل السياحي والثقافي ، هذه التغييرات المتكررة تعكس أحيانًا جهودًا لتحسين ظروف السوق ومرافقه، لكنها قد تُبرز أيضًا غياب تخطيط شامل ومستدام يعكس أهمية الموقع تاريخيًا وثقافيًا بل يعكس تحديًا كبيرًا يتجاوز مجرد إشكاليات البنية التحتية ، فهو يتصل مباشرة بمفهوم الحفاظ على التراث في سياق التنمية الحضرية .
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الأهمية البالغة التي يحظى بها السوق فهو لا يعد مركزا تجاريا فحسب، بل هو شاهد حي على فترة ازدهار مكناس كعاصمة تاريخية في عهد مولاي إسماعيل، لذلك يستوجب التركيز على إدخال تحسينات تعالج البنية التحتية المتدهورة وتحافظ على الطابع التاريخي يليق بساحة الهديم المحاذية للسوق، مع ضمان أن يتم العمل بتخطيط متكامل لتجنب التكاليف المهدورة في المستقبل ،وهذا لايمنع من التفكير مليا في إدخال فن الهندسة المعمارية الحديثة ،لكي يكون فرصة لدمج الأصالة مع الابتكار مما يخلق فضاءً يعكس التاريخ المغربي ويواكب احتياجات العصر الحديث لتحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة، للحفاظ على التراث الثقافي والابتكار الحديث دون المساس بروح المكان، ليجسد بكل فخر بين الماضي والحاضر والمستقبل ليعزز الشعور بالانتماء للمكان .
سوق الهديم قبلة سياحية يُعد سوق الهديم وجهة سياحية شهيرة ذات طابع فريد سواء كانت داخلية أو خارجية،ويتميز بموقعه القريب من ساحة الهديم التاريخية، التي كانت تُستخدم قديمًا كساحة للتجمعات والعروض و الأخبار، و يُعتبر مكانًا مثاليًا للاستمتاع بالأجواء التقليدية المغربية وشراء المنتجات المحلية، بالإضافة إلى كونه يُتيح للزوار فرصة استكشاف الثقافة المغربية العريقة والاحتكاك بالثقافة المغربية الغنية من خلال التعامل مع الباعة المحليين وتذوق الأطعمة أو الحلويات المغربية الأصيلة ، ولا ننسى على أن المكان محاط بمعالم بارزة، مثل باب المنصور، الذي يُعتبر أحد أجمل الأبواب في العالم الإسلامي. ويعبر الكثير من السياح عن ارتساما تهم حول سوق الهديم غالبًا ما تكون إيجابية، حيث يُعبر الكثير منهم عن إعجابهم بالأجواء التقليدية والروح المغربية الأصيلة التي تميز السوق. ومع ذلك، هناك بعض الملاحظات التي تُظهر نقاط ضعف السوق من حيث جماليته التي قد تترك انطباعًا أقل إيجابية لدى الزوار،كغياب نظام تنظيف منتظم يؤدي الى تراكم النفايات في بعض الزوايا ودروب السوق.
تهيئة سوق الهديم وتحسينه يمكن أن يساهم بشكل كبير في انتعاشه، حيث يصبح أكثر جذبًا للسياح والمحليين على حد سواء، مما يعزز النشاط التجاري والثقافي وخاصة عندما يتم توفير ظروف ملائمة للسياح أثناء زيارتهم للسوق ، كالمرافق الصحية التي من المفروض أن تكون في أماكن إستراتيجية داخل السوق أو بالقرب منه، مما يوفر الراحة للسياح أثناء تجولهم مع تخصيص أماكن أخرى مثل المقاهي في محيط السوق للاستمتاع بمشروبات مغربية تقليدية مثل الشاي بالنعناع أو القهوة ،والاستمتاع أيضا ببعض العروض الثقافية والترفيهية التي تعبر عن التراث الأصيل المغربي
سوق الهديم قوة اقتصادية للمدينة سوق الهديم يضم السوق حاليًا حوالي 220 محلًا تجاريًا، بعد أن كان يحتوي على 184 محلًا قبل عمليات الترميم والتطوير ،ويُعد قوة اقتصادية كبيرة لمدينة مكناس، حيث يسهم في تعزيز النشاط التجاري والسياحي، ويعتبر أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد المحلي، ويساهم في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لعدد كبير من السكان المحليين، سواء في المحلات التجارية لبيع منتجاتهم أو خارج المحلات، ونخص بالذكر هنا البائعين الذين يزودون السوق بالمنتوجات المحلية ، ويُلاحظ أن السوق يشهد إقبالًا متزايدًا خاصة خلال المناسبات الدينية كشهر رمضان، حيث يعمل التجار على توفير مواد استهلاكية تتماشى مع عادات وتقاليد الأسر المكناسية ، وناخذ على سبيل المثال ( الشباكية ،المخرقة ، كعب غزال ، لهبيلة…التوابل ، اللحوم البيضاء والحمراء ، الخضر والفواكه ، العطريات، الأعشاب، الزيتون، والتمور…) هي نقطة انطلاق للعديد من أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يجدون في السوق فرصة لترويج منتجاتهم ، مما يعزز العلاقات الاجتماعية ويخلق بيئة اقتصادية شاملة .لتحسين ظروف العيش من خلال التنمية الاقتصاد بل هو نموذجا للتنمية المستدامة.على الرغم من أهمية السوق ودوره الحيوي في تنشيط الحركة الاقتصادية بالمدينة، لا تتوفر معلومات دقيقة وموثوقة حول حجم المداخيل المالية التي يحققها السوق سنويًا
تعزيز دور السوق في التنمية المستدامة لضمان تحقيق أقصى استفادة ، يجب تحسين كفاءة النظام الضريبي، مع مراعاة التوازن بين جمع الضرائب ودعم الأنشطة التجارية لكي تكون هذه الضرائب عادلة لتشجيع التجار على الامتثال دون تأثير سلبي على أعمالهم ، مما قد يشجع المستثمرين على الانخراط في السوق لتحسين ظروف التجارة كما يمكن أن تستخدم تلك الإيرادات الضريبية في تطوير البنية التحتية ،وأيضا في دعم المشاريع التي تربط بين الأنشطة التجارية والحفاظ على التراث المادي واللامادي.وهذا قد يعتبر خطوة إستراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على الهوية الثقافية.
يتبع …