بـورتـريـــه

الفنان خالد إدريس

من اعداد: رشيد العاملي

هو من بين كبار الفنانين المغاربة على الصعيد العربي ، المعتز بمغربيته و بانتمائه لمدينة عريقة تاريخيا و ثقافيا و فنيا ، مدينة ” الشيخ الكامل و الاسوار الإسماعيلية و قصباتها ، “مدينة مكناس” .

ضيف فقرة “بورتريه ” اليوم هو الفنان خالد إدريس ، فمن هو هذا الهرم الفني ، الذي يجهل عنه أبناء مكناس و المغاربة عموما الكثير من المعلومات و الاخبار؟.
رأى النور بمدينة مكناس سنة 1966 ، بين جدران أحيائها العريقة والعتيقة ، بحي العبابسة .

و كباقي أبناء تلك الأحياء، بدأ أولى خطواته التعليمية بالكتاب “أي المسيد” ، ثم بعدها سلك دروب المدينة العتيقة متوجها الى مدرسة ” لسان الدين ابن الخطيب ” السويقة” ، و بعدها الى إعدادية محمد ابن عبد الله ، وثانوية لالة أمينة ، ثم الدراسة الجامعية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس ، لتسوقه الأقدار العلمية الى فرنسا للدراسة بجامعة السوربون و المعهد الوطني للفنون و المهن بباريس.

وهو يحكي عن سيرته الدراسية و العلمية ، كان يجول بخاطري تساؤل ” كيف لشخص مثل خالد إدريس ان يولع بالفن بموازاة الدراسة و التحصيل ؟
فكان لا بد من سؤال الفنان القدير سيدي خالد إدريس عن أصل و سبب ولعه بالموسيقى. فأجاب أن الولع بالفن، شيء بديهي ونتيجة حتمية لمن يعيش في وسط تصدح فيه نغمات الموسيقى و “نوطاتها” في كل مكان بالأحياء و المنازل و المحلات التجارية ، و دكاكين الصناع التقليديين و المقاهي ، و بكل أركان و جنبات المدينة العتيقة عبر المذياع و اشرطة الكاسيت آنذاك، و حفلات المناسبات العائلية التي تنشطها فرق موسيقية شعبية وتراثية متنوعة.

و أشار الفنان خالد الى تأثره الكبير بفرق المعلمات و الطوائف العيساوية و الطوائف الحمدوشية و الفرق الكناوية التي كانت تنشط أثناء بعض المواسم التي تشتهر بها مكناس ، خاصة في مناسبات عيد المولد النبوي الشريف ، كموسم سيدي علي و سيدي احمد و مولاي ادريس ، و احيانا موسم مساكن ادخيسة ، إضافة الى عدد من الفرق الامازيغية بالأطلس المتوسط..

هي مشارب متنوعة لفنون مختلفة نادرا ما يخرج المرء منها دون أن يولع و يتعلق بالفن ويتشبع به .

ومن أجل تطوير ذلك الولع أكاديميا، كان لا بد من الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى بمكناس بدرب المراكشية ، و الذي يعتبر من أهم المراحل الفنية في حياة الفنان خالد إدريس ، حيث تتلمذ على يد عدد من الأساتذة و الشيوخ كان اولهم المرحوم احمد أكومي واللائحة طويلة .

و قاده الولع الفني و البحث المستمر الى قضاء فترات طويلة مع شيوخ و كبار فناني حي المدينة القديمة و حي القصبة “قصبة هدراش”، كما إلتحق بجوق مولاي احمد المدغري للطرب الاندلسي برئاسة الهرم الفنان عبد الرحيم الخمسي، و جوق الملحون بمكناس و عدة فرق فنية اخرى….

كانت الطموحات و الاحلام الفنية للفنان خالد إدريس كبيرة و نظرته الفنية تخترق الحدود ، فكان لا بد له من طرق أبواب عوالم فنية أخرى ، حيث طار الى دولة مصر وأسس فرقة هناك و هي مرحلة ولو أنها قصيرة ، مكنته من اللقاء بكبار نجوم الاغنية العربية ، حيث تفاجأت حين صرح لي أنه اشتغل مع مجموعة النجوم الكبار مثل الفنان العملاق وديع الصافي ، و وردة، و محمد عبده، و صباح فخري ، و هي أسماء تكفي لتعكس لك القيمة الفنية لهذا الفنان المغربي الأصيل ، واللائحة طويلة جدا و يكفي أن تقوم بإلقاء نظرة على صفحته الفيسبوكية لتتأكد أنك لن تجده في صورة واحدة منفردا بل دائما رفقة فنانين كبار كالفنان عبد الهادي بلخياط ، ونعمان الحلو ، و وائل كفوري و شاب خالد و و سعد لمجرد و أحمد عدوية و غيرهم .

ما هو جميل و نبيل في الفنان خالد ،أنه سخر نصف كلامه مفتخرا و معتزا بالأساتذة الذين نهل على أيديهم أصول و دروس الموسيقى ، و وفي فن الملحون أطال الحديث عن تلك العلاقة المتميزة و التاريخية و الاستثنائية التي تربطه مع حي قصبة هدراش ، حيث تتلمذ على يد عدة فنانين وأساتذة كالأستاذ العربي القصباوي ( الة الكمان)، و تتلمذ على يد المعلم بنعيسى الحجام القصباوي عازف الكمان المميز .

بالنسبة لمدينة مكناس، هي خسارة أخرى، أن الفنان خالد إدريس هو كناري آخر ، إختار الاستقرار بباريس ،ليكون هو الاخر ممن جسدهم بباريس و قلبهم و روحهم بالمغرب ، لكنه رفقة الأستاذ سعيد مفتاحي و محمد فارسي العلوي و آخرون ، يعتبرون من خيرة سفراء الفن المكناسي و المغربي ببلاد المهجر .

من الاخبار الفنية ان للفنان خالد إدريس ، له عدة مواعيد فنية و مشاركات في عدة مهرجانات وطنية ودولية .
و سيكون ضيفا بمدينة الدار البيضاء حيث سينظم حفل خصص لتكريمه من طرف جمعية الكرامة للتنمية والتضامن بمسرح محمد السادس بالدار البيضاء في شهر يوليوز المقبل، و هي بادرة اولى بالدار البيضاء لفنان من ابناء مدينة مكناس و خصوصا ان الجمعية تتكون من كبار و أبرز الأطر والمثقفين بالمغرب.

مدينة مكناس حري بها أن تحتفي بأبنائها ، فأبناؤها يكرمون خارج أسوارها إعترافا بقيمتهم الفنية و الثقافية ، فمتى سيكرم أبناء مكناس، تكريمات لائقة في مدينتهم ؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى