ثقافة وفن

مكناس..الكتابات المنقوشة على واجهات التراث المعماري بمكناس للدكتور محمد البركة

ضمن فعاليات اليوم التحسيسي الذي نظمته محافظة مدينة مكناس بتنسيق مع مركز التنشيط الثقافي أناسي يوم الأربعاء 25 دجنبر 2024 تحت عنوان “التراث المادي لمدينة مكناس”، جاءت كلمة الدكتور محمد البركة أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب مكناس، في موضوع: الكتابات المنقوشة على واجهات التراث المعماري بمكناس: “الجمل الحسابية نموذجا”، وهو عرض لم يكن الغرض منه جرد كل المنقوشات الكتابية المثبتة على أبواب أو جدران أو قصور أو أضرحة … حاضرة مكناس خلال العصر العلوي، بل غايته من ذلك هو عرض نماذج تلفت انتباه الباحث والزائر والمهتم للعاصمة الإسماعيلية مكناس، أن هناك قضايا كثيرة متصلة بالتراث المادي تمثل بعض صور مكوناته المعمارية التي تحتاج إلى التقريب فقط.

وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد البركة: (إن اهتمامنا بالمنقوشات الكتابية لا يقف عند الجانب الفني من هذه الكتابات (هيئة الحروف، وأحجامها، وأشكالها، وألوانها، وحواملها، …)، ولا حتى بالتعريف بكل مضامين زخارفها الكتابية، المثبتة بحروف عربية مسجلة على عدد من واجهات التراث المعماري المكناسي على تعدد حوامله (رخامية أو جبصية أو طينية أو خشبية، …)، بل سنقتصر فقط على مسألة فريدة تتعلق بموضوع الجمل الحسابية المثبتة عند عدد من المعالم المعمارية، وفي ذلك جمع بين الموضوع وهواجس التعريف بذخائر حاضرة مكناس وكنوزها)).


واضاف الاستاذ البركة لقد تطلبت : ((خطوة جرد المنقوشات الكتابية المقصودة والمثبتة على التراث المعماري المكناسي، الاستناد إلى الوصف والتحليل، بغاية بيان القيمة التاريخية لها، فضلا عن القيمة الأدبية في الصياغة والتوظيف لرموز الأبجدية العربية، الدالة على عملية التأريخ للبناء والتشييد أو التجميل والزخرفة أو الترميم والتأهيل، إنها قراءة انتقائية لنصوص الكتابات المعمارية، تخص كلمات بعينها غالبا ما تأتي متفردة في سياق كتابتها لونا أو خطا أو معنى في أحيان قليلة)).

يبدو أن الرغبة التي تحدو الأستاذ البركة من خلال هذا العرض تكمن أساسا في التعريف بالقيمة الجمالية والفنية التي يتوفر عليها التراث المعماري المكناسي، وذلك اهتماما بما يرد متكررا في مثل هذا التراث ويكشف عن بعض خصوصيته التي ظلت حاضرة تقاوم الزمن، وناظرة تغري بالمحافظة والترميم والتأهيل، خاصة وأن مضامين الكتابات المنقوشة المثبتة على واجهات التراث المعماري بمكناس كما جاء في عرض الأستاذ متعدد المباني بين نثر ونظم، لكنها كذلك متعددة المعاني بين مدح وتمجيد وتخليد وتأريخ.

واستطرد الدكتور البركة: ((إن غايتنا تهدف إلى بيان أهمية حساب الجمّل، كفن اعتني به إلى الحد الذي رُسمت معالمه على أبواب القصور وعند مداخل الجوامع …، واستدعي له العلماء للنظم، وأثبته البناؤون بالنقش والرسم، خاصة وأن التأريخ بالجمل الحسابية التي هي عبارة تقطيع لحروف الكلمة، وعدٌّ لكل أعداد حروفها المتفرقة، بغاية التعبير عن تاريخ يراد الإشارة إليه، بعد أن يتم إيصال كل حرف هجائي بقيمة عددية دالة عليه من الوحدات أو العشرات أو المئات أو الآلاف، إنما هو استعارة بالحروف لبناء الرقم، إنها طريقة تختزل اجتهادا إنسانيا، يكشف عن الإبداع الذي لازم الإنسان بحثا عن الأرقى والأجمل والأبلغ في صيغ التأريخ، فكلمة (شملك) التي عند باب قصور الدار الكبرى تعني سنة 1090هـ، وكلمة (مشوق) التي عند باب جامع الأنوار تعني 1146هـ، وكلمة (دمشق) التي عند باب المنصور تعني 1144هـ، وكلمة (جود المشيد) التي عند باب الخميس تعني 1098هـ)).

وختم الدكتور محمد البركة عرضه بالدعوة إلى مزيد تعريف بالتراث المادي، ومنه التراث المعماري لحاضرة مكناس عبر مختلف العصور دون الاقتصار على عصر محدد، فضلا عن دعوته إلى الاهتمام بالتراث غير المادي لما يكتنزه من ذخائر فريدة على الصعيد الوطني.

اظهر المزيد
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى