توفيق اجانا
يشهد مجلس جماعة مكناس حالياً تنافسًا على منصب الرئاسة بعد تقديم الرئيس السابق، جواد باحجي، استقالته في أكتوبر 2024، والتي جاءت استجابة للضغوط المتزايدة من المجلس الذي أعدّ مشروع قرار بإقالته. الاستقالة جاءت بعد اتهام الرئيس بعدم تحقيق الأهداف التنموية، مما أدى إلى تصويت 58 من أصل 59 عضوًا على إقالته خلال الجلسة العادية للمجلس.
يتنافس حاليًا على هذا المنصب مرشحان هما البرلماني عباس الومغاري من حزب الاتحاد الدستوري والطبيبة البرلمانية سميرة قصيور من حزب التجمع الوطني للأحرار،و تحاول الأطراف المتنافسة حشد دعم الأعضاء لضمان رئاسة الجماعة، في حين تسعى السلطات إلى استقرار الأوضاع خدمة لمصالح ساكنة مكناس ومن خلال ذلك نستشف مجموعة من التساؤلات التي يمكن طرحها في هدا السياق بسبب التوترات التي أضحت تعرفها جماعة مكناس في الآونة الأخيرة مما أدى ذلك إلى تعطيل قطار التنمية .
ما هي الأسباب التي أدت إلى استقالة وإقالة رئيس جماعة مكناس ؟
استقالة وإقالة رئيس جماعة مكناس، جواد باحجي، جاءت بسبب عدة عوامل. من أبرز الأسباب هي الخلافات المستمرة داخل المجلس، مما دفع الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس للتصويت على إقالته في خطوة غير مسبوقة. منذ بداية فترته الرئاسية، واجه باحجي تحديات في الحفاظ على دعم أعضاء حزبه، حزب التجمع الوطني للأحرار، وأعضاء الأغلبية. تفاقم الوضع مع انقسام المجلس حول سياساته وإدارته، ما دفع عدة أعضاء للمطالبة بإقالته كحل لتجاوز هذا الانسداد السياسي والإداري داخل الجماعة.
رغم محاولاته الأخيرة لاستعادة الدعم باءت بالفشل، حيث تمسك الأعضاء بتنفيذ المادة 70 من القانون التنظيمي، والتي تسمح بإقالة الرئيس إذا ما حصلت على أغلبية الثلثين. بعد تقديمه الاستقالة رسميًا، قرر الأعضاء الاستمرار في إجراءات الإقالة للتأكد من تفعيلها، متطلعين إلى تعيين قيادة جديدة قادرة على توحيد الصفوف وتطوير الخدمات العامة
ماهي أسباب الانسداد السياسي بجماعة مكناس؟
عانت جماعة مكناس من “البلوكاج” أو الانسداد السياسي والإداري بسبب صراعات داخلية وغياب التوافق بين أعضاء المجلس حول مشاريع التنمية وأولويات الجماعة. ومن بين الأسباب الرئيسية لهذا الانسداد، قد نجد الخلافات داخل حزب الأغلبية في جماعة مكناس وخصوصاً داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، كانت من أبرز أسباب الانسداد (“البلوكاج”) الذي عانى منه المجلس لسنوات. هذه الخلافات ظهرت بشكل واضح في عدم الاتفاق على أولويات المشاريع التنموية وطريقة تدبير الجماعة، مما أدى إلى انقسام حاد بين الأعضاء من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار حول دعم رئيس الجماعة السابق، جواد باحجي. حيث كان بعضهم يطالب بتغييره بسبب قلة التقدم في المشاريع وضعف التواصل بين مكونات المجلس. حتى تدخل رئيس الحزب عزيز أخنوش لعقد اجتماعات مع بعض أعضاء الحزب ، لكن لم يُفلح في توحيد صفوف الحزب أو وقف التصعيد. هذه الخلافات أدت في النهاية إلى تقديم باحجي استقالته قبل تصويت الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس على إقالته رسميًا ، فعدم الرضا عن أداء جواد باحجي كرئيس جماعة مكناس، كان سببًا رئيسيًا وراء مطالب إقالته من المجلس، خاصة بين أعضاء الأغلبية والمعارضة على حد سواء ،وانصبّت الانتقادات على عدة جوانب في أدائه هذه الجوانب أسهمت في تراجع ثقة الأعضاء في قيادة باحجي، ما دفعهم في النهاية إلى التوافق على استقالته واستمرار إجراءات الإقالة لضمان اختيار قيادة جديدة قادرة على إدارة شؤون المدينة بفعالية أكبر، بل التوترات داخل المجلس أثّر على إمكانية اتخاذ القرارات، حيث أدى ذلك إلى تعطيل العديد من البرامج والمشاريع التي كان من المفترض أن تسهم في تنمية مكناس ، وتصاعدت هذه التوترات حتى قدم أعضاء المجلس ملتمسًا بإقالته، وهو ما أدى لاحقًا إلى استقالته الرسمية في أكتوبر 2024
كيف يمكن تجاوز ازمة جماعة مكناس ؟
لتجاوز أزمة جماعة مكناس، يجب اتخاذ عدة خطوات لتحقيق الاستقرار وتفعيل التنمية بشكل فعال التي تفرضها الظرفية على أعضاء المجلس في اختيار رئيس جديد يحظى بدعم أغلبية المجلس، بما يضمن استقرار القرار السياسي ويقلل من الانقسامات الداخلية.
القيادة الجديدة ينبغي أن تتمتع برؤية تنموية واضحة وتستطيع توحيد صفوف المجلس حول أولويات مشتركة في تحقيق الشفافية وتفعيل الرقابة الإدارية والالتزام بالمساءلة يمكن أن يساهما في تعزيز الثقة بين المجلس والمواطنين. لذا، من المهم إنشاء آليات للرقابة تتأكد من الالتزام بالمشاريع التي تعود بالنفع على ساكنة مكناس، وتضمن توجيه الموارد بفعالية لتسريع التنمية، في إطار إقامة شراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية الأخرى لتعزيز الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة. هذه الشراكات قد تسهم في خلق فرص عمل وتطوير البنية التحتية المحلية ،ولايمكن إغفال دور المجتمع المدني في هذا السياق مما يساعد على تحقيق التوافق وتعزيز المشاركة الفعالة بين جميع الأطراف في تنمية المدينة مع إنشاء قنوات تواصل فعالة مع المواطنين، وذلك عبر عقد اجتماعات دورية لإطلاعهم على تقدم المشاريع ومعالجة أي عقبات.
إشراك الإعلام في مواكبة عمل الجماعة لتنوير الرأي العام
بالفعل، قد يلعب الإعلام دورًا حاسمًا في مواكبة عمل جماعة مكناس وتنوير الرأي العام حول التحديات والمشاريع التي تقوم بها الجماعة. سواء عبر الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي، ليسهم في تعزيز الشفافية وتحقيق التواصل المستمر بين المجلس وسكان المدينة ، من خلال متابعة مشاريع الجماعة وتقديم تقارير دورية عن تقدمها أو تعثرها، مما يساعد في مساءلة المسؤولين ويجعل المواطنين على اطلاع بما يحدث في مدينتهم ، مثل الكشف عن قضايا تخص المدينة : كتحسين البنية التحتية، والنقل، والنظافة ، واحتلال الملك العمومي…؟ قد يدفع صناع القرار إلى اتخاذ حلول سريعة يضمن التخطيط الاستراتيجي في تجاوزها ، ذلك يساعد على بناء صورة واضحة للجمهور، ويضمن كذلك الفهم المشترك للأولويات، كما يمكن أن يلعب الإعلام صلة وصل بين المواطنين والمجلس من خلال منصات التواصل، حيث يتلقى ملاحظات وشكاوى المواطنين وينقلها إلى المسؤولين، مما يسهم في تحسين الأداء الجماعي
ماذا يمكن ان يحقق احد المرشحين للظفر برئاسة جماعة مكناس في الفترة المتبقية من عمر المجلس ؟
إذا تمكن أحد المرشحين لرئاسة جماعة مكناس، مثل عباس الومغاري من حزب الاتحاد الدستوري أو سميرة قصيور من حزب التجمع الوطني للأحرار، من الفوز بهذا المنصب، فقد يستوجب تحقيق عدة إنجازات للساكنة، ومن ضمنها العمل على تسريع المشاريع التنموية ومعالجة التأخر الذي شهدته المدينة في تنفيذ مشاريع حيوية، مثل تحسين البنية التحتية، وصيانة الطرق، وتطوير المرافق العامة، حيث سيسهم ذلك في تحسين جودة حياة الساكنة بالإضافة إلى جلب الاستثمار، وعقد شراكات مع القطاع الخاص والحكومي، لتوفير فرص عمل للشباب وتحفيز النمو الاقتصادي في مكناس، مما يعود بالفائدة على اقتصاد المدينة ويعزز قدرتها على تطوير الخدمات .وخاصة إذا تم حل مشكلة الإسكان والتخطيط الحضري في معالجة العشوائيات وتقديم حلول إسكانية مستدامة للمواطنين.
كما يمكن أن يساعد دعم الخدمات الاجتماعية والأنشطة الثقافية في تعزيز جودة الخدمات المقدمة للساكنة، وتوفير بيئة داعمة للنمو الاجتماعي والثقافي في مكناس.